Podcast Episode Details

Back to Podcast Episodes

العنف ضد النساء: إنها مسؤوليتهن



نعود اليوم لنفتح جرحاً مفتوحاً اسمه العنف ضد النساء. جرح لا يُشفى، لأنه ببساطة لا يُسمع كما يجب. 

في المغرب، تقول الأرقام الرسمية إن مليوناً ونصف مليون امرأة تعرّضن للعنف خلال سنة واحدة فقط. مليون ونصف… رقمٌ يكفي ليجعل أي مجتمع يقف مرعوباً أمام صورته في المرآة. أرقام فظيعة أخرى من فرنسا، إيطاليا، وغيرها من الدول المتقدمة، مما يعني أن الظاهرة عالمية. 

ومع ذلك، لا يزال بيننا من يصرّ على التبرير، على تحويل الجريمة إلى نقاش سلوكياتٍ وأخطاء مُفترضة للنساء ضحايا العنف.

تماماً مثل ذلك التعليق الذي قرأته مؤخراً: "وما الذي يدعو الرجل الى قتل شريكته؟ يجب البحث عن الأسباب، وعلى النساء أخذ الحيطة والحذر". 

لنتخيل مثلا لو قلنا:

"وما الذي يدعو العصابات لقتل الضحايا؟ على الضحايا أخذ الحذر".

"وما الذي يدعو البيض لممارسة العنصرية؟ على السود أخذ الحذر".

"الذي يدعو اللصوص للسرقة. على المواطنين الذين يخرجون لعملهم أو للصلاة في الوقت الباكر أخذ الحذر". 

حين يتحوّل القاتل إلى مجرد تفصيل والضحية إلى متّهم… فنحن أمام مجتمع يبرّر العنف بدل مواجهته.

العالم كلّه بات يعرف كلمة féminicide، قتل النساء لأنهن نساء جرائم قائمة على الهيمنة، على احتقار النساء، على الاعتقاد بأن جسدهن وحياتهن ملكٌ لغيرهن. 

هذه ليست قضايا فردية، بل بنية اجتماعية كاملة تسمح للجاني أن يشعر بأنه “له الحق”، وللبعض أن يبرّر له، ولآخرين أن يسألوا الضحية: لماذا كنت هناك؟ لماذا خرجت؟ لماذا لم تصمتي؟

وكأن النجاة من العنف مسؤولية “حذر الضحية”، لا مسؤولية الدولة والمجتمع والقانون والتربية.

 لا يمكننا، لا أخلاقياً ولا إنسانياً، تحميل المسؤولية لامرأة تعرّضت للعنف. الضحية ليست المشكلة. المشكلة هي من يمارس العنف، من يصمت عنه، ومن يبرّره، ومن يحوله إلى نقاش سلوكيات بدل أن يسميه باسمه: جريمة.

إلى أن نفهم هذه الحقيقة البديهية، سيبقى العنف ضد النساء مستمراً… وسيبقى المجتمع كله يدفع الثمن.


Published on 7 hours ago






If you like Podbriefly.com, please consider donating to support the ongoing development.

Donate