Podcast Episode Details

Back to Podcast Episodes
قصة حين تكون هناك وصية | أجاثا كريستي

قصة حين تكون هناك وصية | أجاثا كريستي


Episode 5142


قصة حين تكون هناك وصية

أجاثا كريستي

صارح الدكتور (مانيل) ذلك الشاب الوسيم ابن أخ السيدة هارتر قائلاً:

"ربما تعيش خالتك لسنوات طويلة مع ما تعانيه من ضعف شديد في عضلة القلب؛ متى ما صُرِف فكرُها عن أي شيء يكدر خاطرها، وعاشت حياة هادئة تتسم بالمرح".

تفهّم تشارلز ما يقول الطبيب بود، واصطحب خالته إلى البيت، واقترح عليها تشغيل المذياع مع رفضها، بعد أن أقنعها بضرورة التسلية، لكنها عارضت بشدة؛ خوفًا على قلبها من الموجات المنبعثة منه، لكنه كعادته أقنعها بعد نقاش طويل بأهميته في حياتها؛ حتى أيقنت أنه من سُبل العلاج الفعال.

تذكرت هارتر ابنة أخيها مريام التي كانت ترافقها قبل تشارلز، وكانت هارتر تنوي جعلها الوريثة الوحيدة لها، لكن الفتاة لم تصبر على العجوز، وكانت تتمرد كثيرًا وتُظهر الملل من أحاديثها التي يستعذبها تشارلز ويُنصت إليها دون ملل، فوقع الاختيار عليه ليكون الوريث عوضًا عن مريام، التي غادرت منزل خالتها قبل أعوام وتزوجت برجل لم يحز استحسان العجوز.

ولرضا السيدة هارتر عن ابن أخيها قررت أن ترسل إلى محاميها لعمل وصية جديدة لها وإلغاء الوصية القديمة، حيث نال تشارلز رضاها بشكل كبير، ونجح في إقناعها في الكثير من القضايا التي اختلفا بشأنها من مرحلة المعاداة، مرورًا بالتسامح، ووصولاً إلى الاقتناع.

استمتعت هارتر كثيرًا بالمذياع وصار أنيسها في وَحدتها، وعلى الأخص في تلك الأمسيات التي كان يبقى تشارلز ساهرًا خارج المنزل برفقة أصدقائه، وفي إحدى الأمسيات الهادئة كانت تجلس منصتة إلى إحدى الإذاعات المُحببة، إذ توقف البث فجأة وساد صمت مفاجئ، تبعه صوت خافت تعرفه جيدًا بلهجة إيرلندية: "ماري، أتسمعينني؟ أنا باتريك، سآتي إليكِ قريبًا"، انتهى الحديث وعادت الإذاعة إلى بثها الأول كأن شيئًا لم يكن!

تصلبت هارتر في مقعدها وهي تفكر: أهي هلوسة أم تدافع للذكريات أم مجرد حلم؟! وكيف تحلم بصوت زوجها المتوفى قبل عشرين عامًا؟! وكيف يأتي صوته عبر أثير الإذاعة؟ بقيت حائرة وخائفة، ثم لم تلبث أن طردت تلك الأفكار وفضَّلت أن تفكر كعادتها بشكل عملي دون أن تُخبر أحدًا.

تكررت تلك الواقعة مرة أخرى حين كانت تجلس بمفردها وتشارلز خارج المنزل، وسمعت نفس النداء بنفس الصوت، فنهضت على الفور واستدعت خادمتها:

"إليزابيث، كل شيء مُعد لدفني في ذلك الدرج الكبير، وقد تركت لكِ مبلغًا من المال"، بدأت إليزابيث في الدعاء والنحيب، فأجابتها هارتر بثبات ووقار: كل منا لا بد أن يرحل أيتها الحمقاء المخلصة".

بمجرد خروج الخادمة طُرق الباب بخفة، فأجابت هارتر: تفضل يا تشارلز!

دخل تشارلز مبتسمًا كعادته، فبادلته خالته الابتسامة، وتبادلا الحديث، ثم باغتها بسؤال أصابها بالدوار: لمن صورة ذلك الشاب الذي يرتدي الخوذة وله سوالف كثيفة في الغرفة المجاورة؟

إنه خالك باتريك "زوجي"، لماذا تسأل؟

تردد تشارلز، ثم قال: لقد خُيل إليَّ أني رأيته، أو رجلاً يشبهه ينظر من الشرفة قبل يوم، لكن بالتأكيد هي مجرد تخيلات سخيفة إذًا، أو أن صورته علقت في ذهني فتوهمت ذلك، على كل حال تناسي الأمر خالتي، يبدو أن صحتك اليوم أفضل.

بعد عدة أيام جلست هارتر كعادتها تستمع إلى الإذاعة في هدوء، ثم حدث ما كانت تتوقعه، لقد أتاها صوت باتريك مرة أخرى لكنه في هذه المرة قال:

"عزيزتي ماري، سآتيك يوم الجمعة القادم، لقد اشتقت إليكِ كثيرًا، كوني مستعدة، سآخذكِ معي، ولن تشعري بأي ألم، صدقيني".

انقطع الصوت، وكاد ينقطع معه نفَسها، ثم عادت الإذاعة لتبث من جديد برامجها، وملأ صوتها الحجرة.

رتبت هارتر أمورها بحزم وواجهت مصيرها بشجاعة، وأعطت خادمتها مبلغًا إضافيًّا من المال، واستدعت المحامي لتُغيِّر الوصية، واستدعت تشارلز تسأله عن برنامجه الجمعة المقبل، فأجابها بأنه على موعد مع الأصدقاء، وأخبرها أنه مستعد لمجالستها إن رغبت، فنفت ذلك وأخبرته أنها تفضل قضاء الأمسية بمفردها، ولم تخبره عن أمرها شيئًا.

كانت السيدة هارتر تجلس مساء اليوم المُتفق عليه وقد ساورها شعور بالقلق والخوف لم تتمكن من طرده أو السيطرة عليه، وقبيل الموعد بربع ساعة أمسكت بورقة حوت الوصية الجديدة، وبها كتابة كامل ثروتها لتشارلز الذي يستحق كل خير.

اقترب الموعد وما زالت الورقة في يدها تتأملها وتُعيد قراءتها بعناية، والإذاعة تملأ المكان بصوتها، وبعد لحظات سمعت طرقًا خفيفًا على الباب، فتراجعت بمقعدها للخلف وهي جالسة أمام المدفأة، ثم فُتح الباب بلطف وهدوء، وظهر لها شكل لم تره منذ عشرين عامًا، ذلك الرجل باللحية الكستنائية والسوالف الكثة والقبعة التي كان يرتديها دائمًا والنظارات الشمسية وهو يبتسم لها برقة وحنان، نهضت ببطء وهي ترتجف، فسقطت ورقة في يدها وتحولت إلى رماد داخل المدفأة، ولم تخ


Published on 2 weeks, 5 days ago






If you like Podbriefly.com, please consider donating to support the ongoing development.

Donate