Podcast Episode Details

Back to Podcast Episodes
قصة القلب الواشي | إدجار آلان بو

قصة القلب الواشي | إدجار آلان بو


Episode 2174


قصة القلب الواشي

إدغار آلان بو

«القلب الواشي» ‏ هي قصة قصيرة كتبها إدغار آلان بو نشرت لأول مرة في 1843. ويحكيها راوي لم يذكر اسمه يسعى لإقناع القارئ بسلامة عقله، في حين يصف جريمة قتل ارتكبها. ويتم التخطيط لعملية القتل بعناية، ويخفي القاتل الجثة بتقطيع أوصالها وإخفائها تحت ألواح الأرضية.

هذا صحيح.. أنا عصبي، عصبي جدًا فوق ما تتصور، كنت وما زلت محافظًا على عصبيتي المريعة هذه. لكن لمَ قد يخطر على بالك أني مجنون؟ فالمرض لم يفسد حواسي، ولم يدمرها، على العكس تمامًا بل جعلها أكثر حدة. وأول هذه الحواس، حاسة السمع والتي أصبحت حادة جدًا. فأنا يا عزيزي أسمع ما يُسمع ومالا يُسمع، سمعت كل الأشياء التي في السماء وتلك التي في الأرض، سمعت حتى الأشياء التي تقبع في الجحيم. إذًا كيف تتهمني بالجنون؟ أنصت إليّ جيدًا! ولاحظ كيف أستطيع بهدوء وعقلانية أن أحكي لك القصة كاملة.

من الصعب إخبارك كيف تبلورت الفكرة داخل رأسي لأول مرة، لكني بمجرد تخيلها علقت داخلي، فأصبحت تراودني ليلة تلو الليلة، فبات رفضها مستحيلا. هدف..؟ لم يكن هناك ثمة هدف. كره..؟ أوه لا، لا يتعلق الأمر بالعواطف أبدًا، فقد أحببت ذاك الرجل العجوز جدًا، فلا هو مرة أهانني ولا هو مرة خطّأني. ربما تقول أنني أسعى وراء ذهبه..؟ لا يا عزيزي لم أرغب أبدًا في سرقة ذهبه. حسنًا سأخبرك.. أعتقد أنها إحدى عينيه. نعم..! كانت إحدى عينيه تشبه عين النسر، زرقاء شاحبة يغطيها غشاء رقيق. في كل مرة أنظر إلى عينه تلك، كنت أشعر ببرودة تسري في أطرافي، وكأن دمي كان يتجمد في عروقي شيئًا فشيئًا، وهكذا قررت أن أحمل على عاتقي خطف حياة هذا الرجل، لأتخلص من هذه العين إلى الأبد.

الآن أنت ما زلت تتخيلني مجنونًا، المجانين يا صديقي لا يعرفون شيئًا. أما أنا.. آه ليتك رأيتني حينها، كان يجب أن تراني كيف كنت أفكر بعقل يملؤه الحكمة، وبشخصية يملؤها الحذر، وبعين بصيرة عزمتُ على فعل ما كنت أفكر به. نزلت عليّ رحمة وسكينة عجيبتين خلال الأسبوع الذي يسبق قتلي للرجل العجوز، لم أشعر بهما من قبل. وفي كل ليلة، تحديدًا في منتصف الليل كنت أمسك بمقبض بابه وأفتحه بكل هدوء، فأنا لا أريد إزعاج الرجل المسكين، آه يا لرقة قلبي! صنعت فتحة تسِع رأسي، ثم أدخلت فانوسًا داكن اللون، مغلق الجوانب، لا ينفذ الضوء منه. بعدها أدخلت رأسي من خلال تلك الفتحة، أوه، لو رأيتني كيف أدخل رأسي بمكر وخبث لضحكت عجبا! أدخلته ببطء شديد، فأنا كما أخبرتك لا أريد أن أيقظ مضجع الرجل العجوز. لقد أخذ هذا الأمر مني ساعة كاملة كي أتمكن من رؤيته وهو نائمٌ على سريره. ها..! هل يمكن لرجل مجنون أن يكون بهذه الحنكة.. ها؟ أخفضت ضوء الفانوس بحذر شديد، شديد جدًا، لأن مفتاحه اللعين كان يحدث صريرًا مزعجًا، ولكني أبقيت شعاع ضوءٍ نحيل ووجهته ليسقط على عين النسر. مرت سبع ليال طوال وأنا على هذه الحال، كل يوم وفي منتصف الليل أكرر ما أفعله، لكن لسوء حظي كنت أجد العين دائمًا مُغلقة، فاستحال عليّ فعل فعلتي. فلو كان العجوز هو الذي يثير غضبي لأتممت مهمتي من أول ليلة وأرحت نفسي، لكنها كانت عينه، عينه الشريرة. كنت كل صباح أذهب بكل وقاحة إلى حجرته وأتحدث إليه بكل جرأة، أناديه باسمه، بنبرة عطف وحنان، مستفسرًا إياه عن حال ليلته. لعلكم أدركتم كم كان هذا العجوز قد بلغ من الكبر ما بلغ حتى يخطر في باله أن أحدهم، والذي هو أنا، يحدق فيه وهو نائم كل ليلة عند الساعة الثانية عشر.

وفي الليلة الثامنة كنت أكثر حذرًا عندما فتحت الباب، كنت أفتحه ببطء شديد، حتى أن عقارب ساعتي كانت تتحرك أسرع من يدي! شعرت في تلك الليلة بمدى قوتي الهائلة وفطنتي العظيمة، شعورٌ لم أشعر به من قبل. حاولت جاهدًا احتواء مشاعر الانتصار، أخيرًا سأفعل ما خططت له! فتحت الباب شيئًا فشيئًا، وفكرة أن المسكين لم يحلم حتى بأفكاري وأفعالي هذه، أضحكتني، فضحكت بصوت منخفض لكن يبدو أنه سمعني، لأنه تحرك فجأة، وجلت وثبت مكاني. ربما تحسبني الآن أنني انسحبت وتركت ذاك العجوز بسلام! لا يا عزيزي، فلقد وصلت إلى مرحلة متقدمة جدًا. كان الظلام يلف غرفته، فكانت النوافذ مؤصدة بإحكام خوفًا من اللصوص، أراحني هذا الأمر من أنه لن يستطيع رؤية فتحة الباب التي صنعتها، بل لن يستطيع رؤية أي شيء. استمريت في دفع الباب رويدًا رويدا…

فهمَمت حينها بفتح الفانوس، لكن إبهامي انزلق فجأة من على القفل الصفيحيّ مما أفزع مضجع الرجل العجوز المسكين وجعله يقفز من نومه ويصيح مذعورًا “من هناك؟” بقيت في مكاني من دون حراك، ولم أتفوه بكلمة واحدة. بقيت هكذا ساعة كاملة، لم أحرك حتى عضلة! وفي هذه الأثناء لم ينم العجوز، بل بقي مستيقظًا يتسمع، تمامًا مثلما كنت أفعل، ليلة تلو الأخرى، أستمع إلى دقات ساعة الموت، تك..توك..تك..توك!

وبعدها سمعت أنينًا خافتًا، لقد


Published on 8 months ago






If you like Podbriefly.com, please consider donating to support the ongoing development.

Donate