Podcast Episode Details

Back to Podcast Episodes
لو عاجلَ الموتُ شبابك، ما أنت فاعلٌ بأحلامك!؟

لو عاجلَ الموتُ شبابك، ما أنت فاعلٌ بأحلامك!؟


Season 5 Episode 18


لو عاجلَ الموتُ شبابك، ما أنت فاعلٌ بأحلامك!؟

شروق المحمادي

لو عاجلَ الموتُ صِباك، ودفعتك الأيام حتى أبلَغتك الحِمام وانتهت بك إليه، ثم نظرت إلى الظل الذي علاك، والأقدام التي أمامك، فإذا أجنحةٌ تلقي تحاياها: السلام عليك، أنا الموت. ماذا تُراك فاعل بشبابك ودفاتر سوّدتها مشاريع فما أنهيتها وما أخرجتها؟ تسوّف أهدافك، ترجيها لوقت غير معلوم: حتى أتخرج من الجامعة، بعد الزواج، إذا بلغتُ سن الأربعين.

وتستخفَّ بنفسك تزدريها، تنثر التراب على رأسك كالمجانين: “أنا حدث السن”، كأنما أمسكت الزمان بيديك، وعضلته بأُصُبعِك، وتواطأت وملك الموت على عمر تريده، فبينكما عقد واتفاق على شروط العيش والحياة!

أنت مثلي وصلك ما وصلني وشاع في زماني: تعلم في سن العشرين واعمل في الثلاثين. وعلى ما في النصيحة من فائدة إلا أن بها خللًا استدركه المؤلّف محمد عمران في مصنفه البديع “العلماء الذين لم يتجاوزوا سن الأشد”

أما قولهم: الطلب قبل التصدر، والعلمُ قبل الظهور، فذاك لمن لم يجد في نفسه التأهل. وأما من استوفت له أسباب الطلب، وتوفرت فيه عزائم التصنيف، واحتيج إلى علمه، فلا يسوّفنَّ الارتقاء ونشر العلم بين الناس، والبَدَرة قبل بدرة الزمان، وعجلة الموت.

“أن يعلم أن المقصود من النهي عن التصدر في زمن الحداثة والشباب: هو غير المتأهل، أما من تأهل للتدريس ونحوه، فصغر السن ليس مانعًا من ذلك”

وقد علمنا أن من العباقرة والنابغين من أنهوا الأعمال قبل أن يبلغوا الحلم ومنهم عبدالله بن تيمية الذي صنف كتابه جنة الناظر وهو ابن ستة عشر ربيعا، والشافعي تصدر للتدريس وهو ابن ثمانية عشر، وألبرت آينشتاين الذي نشر نظريته في الخامسة والعشرين.

ومنهم من رَسَلته المنية قبل الأمنية، وقطفته الحِمام قبل أوان القطف، ولو تمت فصوله، لسيّده الزمانُ، وجاء بالعجَب، “ولو عاش لكان آية” كما جاء في التراجم والسير.

عالم الرياضيات الألماني فريناند آيزنشتاين 1823-1852 مات قبل سن الثلاثين، وعالم الرياضيات الفرنسي إيفارست جالوا 1811- 1832

عاش حياة قصيرة جدًا وعلى قُصرها فقد اخترع اختراعين لا بابَة لهما.

ومنهم سفيان البصري مات شابًا، قال فيه ابن حبان: “من الحفّاظ، عاجله الموت، فلم يُنتفع به”

والأديب ابن المنجّم كان راوية للأشعار، أديبًا راقيا، أدركته العيْطَة (الموت شابًا) . قال عن كتابه (البارع) ابن خلكان “وبالجملة، فإنه من الكتب النفيسة، فإنه يغني عن دواوين الجماعة”

وفي عصرنا يذكر محمد الأمين الشنقيطي أن شيخه قال لوالده وقد لمح عليه أمارات النبوغ:

” يا بني إن العلماء يقولون: إن من وجد في نفسه استعدادًا وموهبة تؤهله للإمامة تعيّن عليه طلبها، وإن طلب الإمامة في الدين متعين عليك، فلا تضيع نفسك”

وسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الصحابة في آية، فلم يعرفوا لها جوابا، قال عبد الله بن العباس وهو يومئذ حدث السن: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين.

  • يا ابن أخي، قل ولا تحقر نفسك.

أجابه عمر شادّا ثقته المرخية، ناهيًا إياه ازدراء النفس واستصغارها، فإنها ليست في الفضائل والمروءات.

ووقف ابن شهاب على أولاد صغار فقال لهم:

“لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا نزل به الأمر المعضل، دعا الفتيان فاستشارهم يتبع حدة عقولهم”


Published on 2 years, 5 months ago






If you like Podbriefly.com, please consider donating to support the ongoing development.

Donate